كل يوم حديث
حديث: “من كانت الدنيا همه، فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له. ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة” (رواه الترمذي)
حديث النبي : “من كانت الدنيا همه، فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له. ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة” (رواه الترمذي)
هذا الحديث الشريف رواه الترمذي، ويبيّن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرق بين الشخص الذي يركز على الدنيا فقط، والشخص الذي يضع الآخرة نصب عينيه.
الشرح التفصيلي:
- “من كانت الدنيا همه”:
- من جعل اهتمامه الأول والأكبر في الحياة هو جمع المال والتمتع بمتاع الدنيا، وركّز كل طموحاته في الحصول على الراحة والمال والمكانة في الدنيا.
- “فرق الله عليه أمره”:
- يعني أن الله سبحانه وتعالى يجعل أمره متشتتًا، فلا يجد راحة في حياته. يكون دائم القلق والاضطراب بسبب تعلقه الزائد بالدنيا. يواجه مشاكل كثيرة ويشعر بالضياع في قراراته وحياته بشكل عام.
- “وجعل فقره بين عينيه”:
- من كان همه الدنيا، سيشعر دائمًا بنقص المال والموارد، حتى وإن كان في حقيقة الأمر يملك الكثير. سيظل يرى نفسه فقيرًا لأنه يظل في سباق مستمر لجمع المزيد ولا يشبع أبدًا. فالفقر الذي يشعر به يكون نفسيًا، وليس ماديًا بالضرورة.
- “ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له”:
- هذا يشير إلى أن الإنسان لا يمكنه أن يحصل على أكثر مما قُدر له من رزق. مهما اجتهد الإنسان في جمع المال أو تحسين وضعه المادي، فإن ما كتبه الله له سيصله، ولا يمكنه أن يزيد على ذلك. هنا يُظهر الحديث حقيقة أن الرزق بيد الله وحده.
- “ومن كانت الآخرة نيته”:
- من جعل هدفه الأكبر هو مرضاة الله والعمل من أجل الآخرة، وكان همه الأكبر هو الإيمان والطاعة، وتركيزه على الجنة وما عند الله.
- “جمع الله له أمره”:
- من كان همه الآخرة، سيساعده الله على ترتيب حياته بشكل أفضل. يشعر بالسلام الداخلي والاطمئنان، وتكون حياته متوازنة لأن الهدف الذي يسعى إليه هو مرضاة الله وليس متاع الدنيا الفاني.
- “وجعل غناه في قلبه”:
- هذا يعني أن الغنى الحقيقي لا يكمن في المال، بل في رضا الله، والشعور بالسلام الداخلي والطمأنينة. من كانت الآخرة هدفه، يملأ الله قلبه بالقناعة والرضا، فلا يحتاج إلى المزيد من المال أو الأشياء المادية ليشعر بالثروة.
- “وأتته الدنيا وهي راغمة”:
- بالرغم من أن الشخص الذي يسعى للآخرة لا يهتم بالدنيا، إلا أن الدنيا تأتيه رغماً عنها، أي أن الله يرزقه ما يحتاجه من الدنيا دون أن يكون مشغولاً بها. تُعطى له الدنيا وهو في غنى عنها، لأن الله يرزقه من حيث لا يحتسب.
الدروس المستفادة:
- ترتيب الأولويات: إذا كان هدف الإنسان الآخرة ورضا الله، فإن الله يُسهل له حياته ويعطيه الطمأنينة والرضا الداخلي. أما من يركز فقط على الدنيا، فإن حياته تكون مليئة بالتشتت والقلق.
- القناعة هي الغنى: الغنى الحقيقي هو غنى القلب، وليس غنى المال. إذا كان قلب الإنسان مليئًا بالقناعة والرضا بما قسم الله له، فلن يشعر بالفقر مهما كانت ظروفه.
- الثقة في قضاء الله: ما كتب الله للإنسان من رزق سيصله حتمًا، فليس في يد الإنسان زيادة في رزقه إلا ما قدره الله له.
- العلاقة بين الدنيا والآخرة: من يسعى للآخرة يجد أن الدنيا تأتيه بشكل يسير، لأن الله ييسر له كل شيء ويجمع له أمره.
الختام:
هذا الحديث يحثنا على أن نضع الآخرة في مقدمة أولوياتنا، وأن نعمل في الدنيا ولكن بقلب موجه نحو الله سبحانه وتعالى. حينها، ستجد الحياة أكثر اتزانًا، والراحة النفسية أكثر عمقًا، وستأتي الدنيا إلى الإنسان دون أن يسعى لها.