خطب

خطبة عن التوكل على الله وأثره في حياة المسلم

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ (1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4))[الكهف]

واشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد حتي آتاه اليقين.

فاللهم صلِ وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله ومن اتبعه إلي يوم الحق والدين.

ثم أما بعد، اعلموا عباد الله أنكم من الله وإليه راجعون، شاء من شاء وأبى من أبي، فمن كان منكم يرجوا لقاء الله فيعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.

عنوان اللقاء ”خطبة عن التوكل على الله وأثره في حياة المسلم“

فالتَّوَكُّل على الله جِماعُ الإيمان، وهو نِصْفُ الدِّين، قال ابن القيم رحمه الله: (وَلَوْ تَوَكَّلَ الْعَبْدُ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ فِي إِزَالَةِ جَبَلٍ عَنْ مَكَانِهِ، وَكَانَ مَأْمُورًا بِإِزَالَتِهِ؛ لَأَزَالَهُ)

فالتوكل هو صِدقُ الاعتماد على الله تعالى في جَلْبِ المنافِعِ ودَفْعِ المَضَار، مع فِعلِ الأسباب التي أمَرَ الله بها. وحقيقتُه: اعتماد القلب على الله، مع الأخذ بالأسباب.

قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: “حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ؛ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]”؛ رواه البخاري.

واعلموا عباد الله أن عدمَ الأخذِ بالأسباب هو عَينُ التَّواكل، وهو ليس من دين الله في شيء، وقد قيل: مَنْ ترك التَّوَكُّلَ قُدِح في توحيده، ومَنْ تركَ الأسبابَ قُدِح في عَقلِه. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: “كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: “نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ”، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]”؛ رواه البخاري.

ومن أمثلة التوكل الصادق، قصة هجرة النبي ﷺ وأبي بكر الصديق رضي الله عنه. عندما كان المشركون يطاردونهما ووصلوا إلى غار ثور، قال أبو بكر خائفًا: “يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدميه لرآنا”. فرد عليه النبي ﷺ بكل يقين: “لا تحزن إن الله معنا” [التوبة: 40].

التوكل على الله له أثر عظيم في حياة المسلم. فهو سبب للطمأنينة النفسية، إذ يزيل القلق والخوف من المستقبل. قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق: 3]. أي أن الله كافيه ومغنيه عمن سواه.

كما أن التوكل يعين المسلم على الثبات في الشدائد، لأنه يعلم أن الأمر كله بيد الله، فلا يخاف ولا يضعف. وقد قال النبي ﷺ: “لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا” [رواه الترمذي].

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي الذي اصطفى، اللهم صلِ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلي يوم الحق والدين. ثم أما بعد

وانظروا عباد الله إلي فوائد التوكل على الله:

  1. الكفاية: قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3]، فالله يكفي من توكل عليه.
  2. معية الله: يشعر المتوكل بقرب الله ومعونته.
  3. محبة الله: الله يحب من يتوكل عليه ويأخذ بالأسباب.
  4. النصر على الأعداء: كما قال الصحابة: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173].
  5. دخول الجنة بلا حساب: التوكل سبب لدخول سبعين ألفًا الجنة دون حساب.
  6. الرزق: قال النبي ﷺ: “لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ… لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ”.
  7. حفظ النفس والأهل: كما فعل يعقوب عليه السلام ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ [يوسف: 67].
  8. الحماية من الشيطان: التوكل يحفظ من أذاه.
  9. الطمأنينة النفسية: التوكل يمنع الانهيارات النفسية ويجلب راحة البال.
  10. دافع للعمل: التوكل يشجع على الأخذ بالأسباب.
  11. العزة والغنى القلبي: التوكل يغني العبد عن الناس ويمنحه العزة.

هذا ونسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة

محمد الشيخ

مطور تطبيقات، صانع محتوي، مسلم وإمام مسجد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى