خطب

خطبة عن كل شئ يتحقق بالتقوى

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ (1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4))[الكهف]

واشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد حتي آتاه اليقين.

فاللهم صلِ وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله ومن اتبعه إلي يوم الحق والدين.

ثم أما بعد، اعلموا عباد الله أنكم من الله وإليه راجعون، شاء من شاء وأبى من أبي، فمن كان منكم يرجوا لقاء الله فيعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.

عنوان اللقاء ”كل شئ يتحقق بالتقوى“

إن التقوى أساس كل خير، ومفتاح كل فلاح، ومنبع كل سعادة في الدنيا والآخرة.
بالتقوى تتحقق الخيرات، وتُرفع الدرجات، وتُكفر السيئات، وتُنال الجنات.

من منا لا يريد أن تُفتح له الأبواب المغلقة، وإن اصابة هم او غم وجد مخرج لهمه او غمه، فلماذا لم نسمع قول الله: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2].

ومن منا لا تشغله قضية الرزق، ويريد أن يبسط الله له رزقه ويُكثر ماله، فلماذا لم نسمع قول الله: ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 3].

ومن منا لا يريد لنفسه التيسير في حياته، فلا أحد منا يبحث عن التعقيد، فلماذا لم نسمع قول الله: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)[الطلاق]

ومن منا لا يريد أن تكون معية الله معه؟! وما أجمل أن يكون الله معك، فتستقوي بقوة الله، فلا يضرك أحد.
لقد كان النبي محمد ﷺ لما هاجر من مكة، واختبأ في الغار، والكفار على بابه، ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقال أبو بكر: “لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا”، فقال له النبي ﷺ:

«يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟» (رواه البخاري ومسلم).

فلم يُصب النبي ﷺ بسوء، لأنه كان في معية الله.
أفلا نسمع قول الله تعالى:

﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ [النحل: 128].

ومن منا لا يريد أن يكفر الله عنه سَيِّئَاتِهِ ويعظم حسناته، أفلا نسمع قول الله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ [الطلاق: 5].

ومن منا لا يخاف يوم القيامة وما يحدث فيه من أهوال وما يرى المرء من أصناف العذاب، وشدة الموقف، أفلا نسمع قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم: 72].

هل تبحث عن الطمأنينة والراحة في الدنيا والآخرة، بالتقوى تسعد القلوب وتطمئن الأرواح، ويعيش الإنسان في كنف الله محفوظًا، قال جل جلاله: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)﴾ [الطور: 17].

هل تخاف على أولادك الصغار، وتسعى مجتهداً لتأمين لهم مستقبل أفضل، فلماذا تظن أن المال فقط هو مأمنهم الوحيد في الدنيا، لماذا لا تجعل معهم معيه الله بتقواك، أفلم تسمع قول الله: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9))[سورة النساء]

ألا يكفيك أن الله حرك نبي ومعه عالم لتأمين مستقبل أطفال صغار لا يستطيعون حماية أموالهم التي تٌرك لهم من آبائهم، ألم تسمع قول الله: (فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77))[سورة الكهف]

فهل المال كان سينفعهم لولا التقوي التي تُركت إليهم فجعلت موسى عليه السلام والخضر يبنيا الجدار لحماية الأموال وكله هذا بسبب التقوى لقول الله: (  وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82))[سورة الكهف]

من منا لا يريد أن يصل إلي مكانة العلماء ويحصل على علم رفيع يسهل له الطريق إلي الجنة كما قال الرسول الكريم : ( منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ)  رواهُ أَبُو داود والترمذيُّ.

فلماذا لم نسمع قول الله: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282))[سورة البقرة]

وهناك الكثير والكثير من الأمور التي تتحقق بالتقوى ولا يسع لنا أن نتحدث عنها في لقاء واحد.

فإذا كان كل شئ يتحقق بالتقوى فلماذا لا نهرع إلي التقوى، وما هي التقوى، وهل جزاء التقوى في الدنيا فقط او الآخرة فقط ام الاثنين.

التقوي يا سادة هي الوقاية من عذاب الله، فالتقوي هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه. وتحقق التقوى في ثلاث نقاط وهي:-

  • الخوف من الجليل
  • والعمل بالتنزيل
  • والاستعداد ليوم الرحيل

فمن تحقق فيه التقوى نال الدنيا والآخرة ولا يخاف ولا يحزن بنص قول الرحمن: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62))[سورة يونس]

أليس الخوف من المستقبل والحزن على ما فات الأنسان في الماضى من أمراض هذا العصر، وأليس الحل في التقوى كما قال الله: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63))[سورة يونس]

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي الذي اصطفى، اللهم صلِ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلي يوم الحق والدين. ثم أما بعد

الجاهل هو من يظن أن الدين للآخرة فقط، وليس للدنيا قبل الآخرة فلا صلاح لحياة الإنسان في الآخرة إلا بصلاحها في الدنيا

وتعلموا أن ربكم يفضل بعضكم على بعض يوم القيامة بمقياس التقوى لذلك قال: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]. اما تفضيل الدنيا للابتلاء والاختبار

فعليكم بتقوى الله وتزودوا بها فلا اجد لنفسي زاد أفضل من التقوي: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: 197].

ونسأل الله العلي الكريم يجمعنا علي التقوي ولا نموت إلا ونحن مسلمون

محمد الشيخ

مطور تطبيقات، صانع محتوي، مسلم وإمام مسجد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى