خطب

خطبة عن كيف تستظل بظل الرحمن في يوم لا ظل له

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ (1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4))[الكهف]

واشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد حتي آتاه اليقين.

فاللهم صلِ وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله ومن اتبعه إلي يوم الحق والدين.

ثم أما بعد، اعلموا عباد الله أنكم من الله وإليه راجعون، شاء من شاء وأبى من أبي، فمن كان منكم يرجوا لقاء الله فيعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.

في لمحة من أهوال يوم القيامة وهي النفخ في الصور يقول الله عز وجل:-

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) [سورة الزمر]

وفي موضع آخر يقول:-

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51)[سورة يس]

وفي الحقيقة النفخ يكون على مرحلتين الأولي وهي نفخة الصعقة التي يموت فيها كل الخلائق بما فيهم مَلك الموت ومَلك النفخ في الصور، ثم ينادي الله عز وجل ( لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد ; لأن الخلق أموات ، فيجيب نفسه فيقول : لله الواحد القهار لأنه بقي وحده وقهر خلقه).

ثم تحدث النفخة الثانية وهي نفخة النشور وفيها يستيقظ الجميع للحساب.

ومن ضمن الأهوال التي تحدث يوم القيامة اقتراب الشمس من رءوس العباد بمقدار ميل واحد فقط ( يساوي 1.6093 كيلومتر)وهي التي تبعد عنا اليوم ١٥٠ مليون كم ولا نستطيع أن نتحمل حرارتها.

لذلك كيف ننجو من هذا الموقف العظيم الذي يتمني فيه العباد أن يتخلصوا منه ولو إلي جنهم، فاللحظات التي تسبق الامتحان هي أشد قسوة من الأمتحان نفسه.

فيا أخوان على الرغم من اقتراب الشمس وشدة الحرارة إلا أن هناك أصناف من البشر سوف يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله بنص قول الحبيب المصطفي صلوا عليه:-

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ
)[متفق عليه].

إِمامٌ عادِلٌ

لا مُلك يستمر بدون العدل، ولا نطبق هذا على الدول فقط وإنما علي مستوي البيوت، فالبيت الذي يخلو من العدل مسألة انهياره مسألة وقت لا اكثر، وانظروا إلي كتب التاريخ لتأخذوا منها العبر والعظات.

فالله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنـة

وذهب بعض العلماء لتفسير قول الله:-

﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) ﴾. [ سورة الأنبياء ]

أن التمكين في الأرض يكون لعبد صالح قادر على إدارتها ولو كان كافراً، فكُلنا عباد الله شاء من شاء وأبى من أبى، لذلك لا عجب من تقدم أمة الكفر الذين تمسكوا بالعدل لإدارة الدول.

شابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى

اليوم تجد الشباب يفعلون المنكرات والمحرمات ولا يتقربون من الله بحجة أن العمر أمامهم للتوبة والرجوع ولا يعلمون أن اكثر الموت في الشباب ولعل موتك أجله في شبابك، فلا تغرنك الحياة الدنيا، واجعل نفسك في طاعة الله تغنم

وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ

المساجد اليوم قد هُجرت، واكثر المصلين من كبار السن، ولو يعلم الناس أن الراحة في الصلاة ما تركوا المساجد.

وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه

اليوم اكثر العلاقات اصبحت قائمة علي المصلحة، وقلت الصحبة التي تكون على محبة الله عز وجل، صحبة من أجل طاعة الله والحب فيها لله عز وجل، وامتد الأمر إلي الأخوة فلا يعرف الأخ أخاه إلا لمصلحة.

وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ

إن من أشد الفتن على المرء هي فتنة النساء بنص قول النبي صلوا عليه:-

ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه

فلا يستطيع المرء أن يحمي نفسه من هذه الفتنة إلا بالقرب من الله والأعمال الصالحة، فهذا يوسف عليه السلام الذي أنجاه الله من هذه الفتنة بحق أنه من عباده المخلصين حيث يقول الله:-

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) [يوسف]

فالأعمال الصالحة تنجي صاحبها في الأبتلاءات والمصاحب لذلك يقول النبي صلوا عليه:-

 تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشد. رواه الأمام أحمد

ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها

فالصدقة التي يُخرجها المرء في الخفاء خشية اختلاط النوايا سبب لجعل المرء في ظل الرحمن، والابتعاد عن التفاخر بالأعمال الصالحة والصدقات لا تُفسد بالرياء.

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي الذي اصطفى، اللهم صلِ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلي يوم الحق والدين. ثم أما بعد

فالأعمال التي ذكرناها ليست بالصعبة على المرء في الحياة الدنيا ليجعل نفسه يوم القيامة في ظل الرحمن في يوم كان مقداره خمسين الف سنة مما تعدون، خمسين الف سنة والشمس فقوق روؤس العباد لك أن تتخيل.

فاسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يظلنا الله بظله يوم لا ظل إلا ظله

محمد الشيخ

مطور تطبيقات، صانع محتوي، مسلم وإمام مسجد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى